استناداً الى ما صرّح به المخرج فادي حداد الى رئيسة تحرير النشرة فن، هلا المر، حول منعه من تصوير “فيديو كليب” لنانسي عجرم في قلعة جبيل رغم انه قدّم كتاباً للترخيص له الى وزارة الثقافة والذي تعهد من خلاله الضمانات اللازمة للحفاظ على المكان، حتى لدفع الرسوم المفروضة للدخول الى كل فريق العمل.
توجهنا أولاً، للاستيضاح، الى مديرية الاّثار قرب المتحف وسألنا عن “تانيا زافين” التي، حسب ما أفدنا من مصادر في فريق التصوير، فهي من منعت التصوير وشدّدت على الرفض.
في البداية رفضت الكلام بحجة ضرورة الاذن المسبق من الوزير “تراتبية”، وعندما قلت لها بأنها الشخص المتهم بوقف التصوير او السماح له، تعجبت ونفت نفياً قاطعاً ان تكون رأت او تكلمت مع أحد ( طلبت مني عدم تدوين اي شيء)، وأضافت انه جلّ ما في الأمر أنها وصلت الى الأسواق ( وهي ابنة المنطقة)، لتجد خيولاً في “الباركينغ” وسألت عن السبب فأجابوها بأن هناك من يريد تصوير “فيديو كليب” لنانسي عجرم. “لم أتكلم مع احد” ولكنّ حرّاس المكان يعرفون جيداً بأن ذلك ممنوع وهم الذين أوقفوهم عن العمل. وأضافت: “هل تعلمين أن المكان هو من التراث العالمي؟ وهل تفهمين معنى ( تراث عالمي؟!!) . ضحكت طبعاً ، وسألتها عن تاريخ صدور قرار كهذا وعلى عهد أي “وزير” فأجابت : “على ما أظن في 2008 .” شكرتها قبل ان أسألها عن مكان تواجد المدير العام الدكتور أسعد سيف.
رافقني عنصرٌ من قوى الامن الى الطابق الاول حيث التقينا على باب “الكولوار” برجل حدّثه قائلاً :” هذه السيدة تريد مكالمتك”.
“Comment puis-je vous servir madame” هكذا بدأ كلامه معي. عرّفت عن نفسي وطلبت منه: ” هل يمكننا الجلوس ؟ لدي بعض الأسئلة حول..” أجابني مقاطعاً: “لا”. وبقينا واقفين على باب “الكولوار”.
سألته عن الاسباب التي تمنع التصوير في الأماكن الأثرية وما الضرر في ذلك؟
أجابني :” هناك قانون يمنع ذلك الا في حالات استثنائية كتصوير برامج وثائقية حول الموقع أو وطنية، الجيش مثلاً ، وهو من باب الحرص على الاماكن ونظافتها”.
قلت له : ” يمكنكم التمييز بين مقدمي الطلب بالترخيص ومقدار مصداقيتهم فالمخرج تعهد بالنظافة العامة والحفاظ على المكان وهو مخرج معروف”.
أجاب: “خيول .. ونظافة؟!”
سألته عن فنان مصري صوّر في بعلبك فأجاب بأن ذلك حصل قبل صدور القانون، سألته : “ولكن الا تستفيد الوزارة ولبنان من دعاية مجانية تكلفها في الاحوال العادية 30 الف دولار لكل مرور بسيط على محطات عالمية من المفترض ان يعرض عليها الكليب؟ لماذا لا ترون الجانب الايجابي وخصوصاً بأن الفنّانين لا يقصرون عندما تدعوهم الوزارات المعنية لتصوير دعاية ما للبنان؟ كل بلدان العالم تسمح بذلك”.
“الأماكن معروفة وليست بحاجة لمزيد من الدعايات”، هذا كان رده.
وعنما سألته عن السياح الذين يُسمح لهم بالتصوير وعمّا نراه من كتابات لا تراعي الحشمة على صخور القلعة وجدرانها، جاب بان هناك من يلاحقهم وسوف يقاضون اذا استعملوا ما صوّروا للتجارة او التسويق.
شكرته طبعاً بانتظار الاخذ برأي الوزير المعني أي معالي الاستاذ غابي ليّون.
توضيح وزير الثقافة
يقول الوزير غابي ليّون بأن كتاب السيد فادي حداد وصله طبعا وهو حولّه الى مديرية الاّثار لتدرسه إذ ليس الوزير هو المخوّل بالسماح أو لا. هناك قانون وأصول. “نحن في الوزارة يولى الينا التقدير، وبعد أن حولناه الى المديرية العامة للاّثار، أعادته مقترحة الرفض وهكذا كان”.
سألته عن رأيه، وأعدت صياغة الاسئلة نفسها التي وجهتها الى الدكتور سيف، فقال:
” القانون واضح.. التصوير ممنوع لأي هدف شخصي ولأي كان، وممكن لفيلم وثائقي يروّج للمكان أو لفنان على قدر أهمية الموقع. فأنا لا استطيع أن أمنح الآن الاذن ويأتيني بعد قليل فنان ما، يريد التصوير ايضاً ونحن نكون بالكاد سمعنا باسمه.. لا اريد ان افتح هذا الباب. وبصريح العبارة نستطيع السماح للسيدة فيروز مثلاً او “الله يرحمه” لوديع الصافي.. مع إحترامي للجميع “.
وأضاف :”بامكان المخرج التصوير بأي مكان آخر، أو بداخل قاعات واستعمال صور للمكان وهذا أمر سهل مع التكنولوجيا الحديثة ومع امكانات ومؤهلات المخرج العالية. المكان معروف عالمياً وليس بحاجة للدعاية. وبالنسبة لمصر، تركيا أو أي بلاد اخرى فهي اختارت ان تسمح بذلك ونحن علينا واجب أن نصون هذه الاماكن والمراكز وأن نحافظ عليها”.
وختم الوزير بالقول :”حتى بالنسبة للمهرجانات التي تقام في هذه الاماكن فإن لم تكن بالمستوى اللائق فلن يُرخّص لها، وقد حصل معي ذلك، مؤخراً، اذ رفضت الترخيص لإحداها لاننا رأينا بأنها لم تكن بالمستوى المطلوب لأهمية الموقع”.
وبالنسبة للدكتور سيف قال الوزير بأنّه ليس المدير العام بل ان المديرية العامة للاّثار متعاقدة معه وطبيعي أن يرفض الجلوس للكلام، “لأن عندو شغل كتير”.
شكراً معاليك، ولكن تذكّرت الآن قول الشاعر أبو نواس الذي أختم به :”
قُلْ لمنْ يبْكي على رَسْمٍ دَرَس واقـفـاً ، مـا ضَرّ لو كـان جلــسْ”.