لو كنتم خمسة أشخاص، خمسين شخصاً، أو خمسمئة فقط كنت سأغني، ولكنني لم اتوقع أن يفوق عددكم الخمسة آلاف، “كبرتولي قلبي”. بهذه الكلمات افتتحت ماجدة الرومي حفلها في ختام مهرجانات البترون، وتابعت: “كنت أتمنى على الذي اجتهد وبكل السلبية الممكنة، يجتزئ جملة من كلام كان وقته دقيقة ونصف حتى يمكن أن يشفي سلبيته لسبب. كنت أتمنى عليهم لو ركزوا على الايجابيات التي كانت خلال المؤتمر الصحافي قبل أن أدخل على الحفلة وخلال هذه الحفلة، لو ركزوا على الحوار الذي دعوت إليه أو على الدعوة لتوحيد الصفوف في وجه الخطر الذي يواجه العالم العربي بأسره، أو على أن الفنان يجب أن يكون دوره موحداً للقلوب عندما تفرّق السياسة. لكن هذه الإيجابية ليست مطلوبة لهم، مع أنه مع هذه الإيجابية وإيجابيات أخرى نستطيع أن نحل مشاكلنا، وكان يمكننا مع الإعلام أن نصنع قوة خير للرأي العام تساعدنا أن نرد ولو مرة واحدة الخطر الذي يقف على أبوابنا، وننشئ وطناً حقيقياً يليق بدم الشهداء الذين سقطوا من بداية الحرب اللبنانية مروراً بالرويس وطرابلس”.
وأضافت ماجدة “ومثلما انا اليوم في البترون وبالامس في البحرين وقبلها في تونس وقبلها مئات الحفلات التي أقمتها في كل مكان، انا رسالة واضحة للذي يحب ان يقرأني، اذا أراد ان يقرأ.
وختمت ماجدة حديثها بالقول:” لا أسأل لماذا لم تعطوني فرصة حتى أدافع عن نفسي وأنا وراء عمر كانت فيه رسالتي رسالة خير، لن أسال حتى هذا السؤال، أنا بقدر ما أشكر الناس الذين وقفوا معي خلال هذا الأسبوع، أشكرهم وأقول لهم بعدا الدني بألف خير من خلالكم، أشكر أيضاً الذين هاجموني جميعاً، من كل قلبي، لأن القسوة علمتني أن الرحمة جميلة”. وأهدت ماجدة الحفل الذي اتسم بالكثير من الاغنيات الوطنية لروح شهداء لبنان الذين سقطوا من بداية الحرب اللبنانية ولغاية اليوم.”
بين القديم والجديد، بين القصائد والوطنيات تنقلت ماجدة على المسرح كفراشة الغناء التي رفرفت بثوبها الأبيض المطرّز بخيوط ذهبية تماما كأشعة الشمس، وبين “عم بحلمك يا حلم يا لبنان”، و”لون معي الايام”، ,”كلمات” التي رددها معها الجمهور فأعادتها مرتين، وتابعت مع “نبع المحبة” وغيرها وغيرها من ربرتوار ماجدة المليء بالاغنيات الناجحة، وكان لاغنية “سيدي الرئيس” وقفة خاصة، فأهدتها لكل مسؤول ولكل رئيس تحرير ولكل شخص في سدّة المسؤولية.
مع هذا الكلام وبعده وبوجود حشد جماهيري كبير لامس الخمسة آلاف شخص، تألقت ماجدة في حفل تاريخي بامتياز تزامن و للأسف مع مآس حدثت في لبنان، وبين خياري الغاء الاحتفال وتقديمه قررت الرومي تقديمه احتراماً لارادة الحياة المجبولة بروح كل لبناني يرفض الخوف والخنوع، يرفض الذل والانكسار، ويرفض الخضوع لمن اراد قتله.
الطريق الى البترون لم تكن سهلة ابداً فالناس ارتال ارتال في سياراتهم عالقين في زحمة سير خانقة تبدأ من الاوتستراد قبل المدخل الرئيسي للبلدة البترونية الجميلة بامتار وامتار وامتار، وفي قلب البترون لا مكان لموطىء قدم وامام مدخل المهرجان الانفاس مقطوعة،
في خط عسكري دخلنا وحجزنا اماكننا في المهرجان وانتظرنا اطلالة ماجدة الرومي التي كانت خير سفيرة لختام مهرجانات الصيف اللبنانية.
وكما بداية الحفل الذي استهلته ماجدة بأغنية خاصة “تحية الشهيد” بتأثر كبير ومطلعها يقول :”من هالساحة عم ناديكم ويغمر صوتي سهول جبال، دق بواب السما حييكم، ننساكم نحنا مين قال، حتى الوفا ما بيكافيكن، ما بتتكافوا يا ابطال، الليلة كلمة رح اهديكم، رحتوا بس تركتوا رجال”، قررت ان تنهيه بنفس الزخم الوطني، وبدل العرس اللبناني الذي اعتاد جمهور ماجدة ان يشاهده في ختام كل حفلاتها ومهرجاناتها الكبيرة، اختارت هذه المرة ان تختتم بعد الوقوف دقيقة صمت على روح الشهداء بالنشيد الوطني اللبناني الذي غنته بمرافقة فرقة الزفّة وخيالة مزودين بالاعلام اللبنانية، وردده معها كورال كبير تألف من خمسة الالف متفرج اضافة لفرقتها طبعاً، و بعزف حيّ من قائد الفرقة الموسيقية المايسترو ايلي العليا الذي لم تغب ابتسامة الفرح والرضا عن وجهه طوال فترة غناء ماجدة الرومي التي تخطت الساعتين والربع.
وكما المرّة السابقة لم نغادر البترون الا وكوب الليموناضة في يدنا ونحن ندندن أغنيات جديدة دخلت وترسخت في قلوبنا وعقولنا لماجدة الرومي ونتذكر أغنياتها القديمة الجميلة بكل فرح وحبّ.وكل عام وانتم بخير في لبنان وطن الحب والخير والجمال.