خاض غمار التمثيل من سنوات طويلة، فبات وجها من وجوهه واسما كبيرا في عالم الدراما في لبنان.
يقترن اسمه بالمهنية والثقة والصدق لذلك وثق به الممثلون في لبنان واختاروه نقيبا، يتحدث باسمه ويدافع عنهم، ويجهد لتحصيل حقوقهم.
الممثل والكاتب ونقيب الممثلين جان قسيس ضيف النشرة اليوم في حوار شامل صادق وصريح حول أحوال الممثل في لبنان وحول دور النقابة والمشاكل التي تواجههم.
لماذا الممثلين الكبار قابعين في منازلهم اليوم ، ألا تساعدهم النقابة على إيجاد أعمال درامية يشاركون فيها ؟
هناك مفهوم خاطئ عن النقابة ودورها ، النقابة ليست مكتب توظيف ، أي أنها ليست موكلة بهذا الأمر وليس لديها الإمكانيات لأن تفتح مجالات عمل بالمبدأ ، النقابة دورها أبعد من ذلك وهو أن تحضن هؤلاء الممثلين وتتابع حقوقهم ومشاكلهم ، وتساعدهم إذا إستطاعت ، أي نساعد بعضنا لأنه في القانون الداخلي أهداف النقابة محددة بشكل صريح جداً ومن ضمنها أنه من المفترض أن نمد جسور صداقة بين بعضنا البعض ونقف إلى جانب بعضنا في الحالات الحرجة ونساعد بعضنا صمن الإمكانيات المتاحة في النقابة ، أوّل بند من قانون النقابة يكرّس هذا المفهوم ، العمل هو عملية علاقات عامة .
نشعر بأن الإنقسام النقابي هو الذي أدى إلى نسيان بعض الممثلين المخضرمين المنتمين إلى نقابتكم
هذه النقابة ضمت كبار الأسماء على مدى تاريخها ، شاءت الظروف الأليمة ببعض الأوقات بالعام 1993 ، ولأسباب أعتبرها دائماً شخصية ، لأن أي مؤسسة وإذا فعلاً لدينا إنتماء لها “مهما لقينا في أخطاء مش منروح منعمل مؤسسة تانية تضارب عليها” ، هذا مفهومي للعمل النقابي ، وأنا من الأشخاص الذين إستاؤوا من الممارسات النقابية في وقت من الأوقات “ما إنشقيت وما رحت عملت نقابة ولا إنضميت للنقابة اللي تأسست” ، مع أن زملائي وأحبائي طلبوا مني وقالولي لي “اللي بدّك ياه” ولكني لم أنتسب وقلت لهم “لما هيدي المؤسسة موجودة نحاول نصلحا من جوا” لأني كنت أدرك الواقع الذي نعيشه وهو أن إنقسام النقابة سيؤدي إلى إهمال حقوق الفنان اللبناني .
*********************
نقابتكم تدفع ثمن هذا الإهمال غالياً حيث نرى الجرح النازف فيها
هنا الجرح النازف لأن هناك تراكمات ومفاهيم خاطئة ونوعاً من إحباطات متتالية أصابت الجسم النقابي هنا ، ولم يكن هناك من تحرك لإستيعاب هذه الإحباطات ومحاولة لتحسين الوضع بشكل أو بآخر ، هناك مشاكل كانت طبعاً والنقابة حصدت ولا تزال تحصد هذه التراكمات من الإحباطات ، أنا تسلمت النقابة منذ حوالى 3 سنوات ونص ، وأحاول اليوم قدر المستطاع أن أعود وأقوّم الأمور ، فهناك قرارات حاسمة ستتخذ قريباً ، حيث بدأنا نبلغ الأعضاء بوجوب دفع المتأخرات من الإشتراكات ، والمشكلة الكبيرة هي أن عدم الحس بالانتماء الى هذه النقابة جعل الأعضاء يهملون واجباتهم تجاهها ، ودائماً السؤال “شو عم تعملي النقابة؟ النقابة بتعملّك إذا إنت بتعملّا” ، النقابة ليست فقط رئيس ومجلس أعضاء إدارة وأشخاص ، النقابة هي مجموعة وهذا هو المفهوم النقابي الحقيقي ، وإذا لم نستوعب هذا المفهوم وأصبح كل واحد يقول :”إنو والله في رئيس ومجلس نقابة هنّي يحصدوا المنيح واللي مش منيح “، لا هذا مفهوم خاطئ لأن تعاوننا مع بعض هو الذي يجعل منا نقابة صحيحة .
النقيبة سميرة بارودي قالت في لقائها مع “النشرة” إن الفن يشمل عدة قطاعات لذلك نقابة الفنانين المحترفين تضم ممثلين
هذا نقاش طال بيني وبينها وبين بعض أعضاء النقابة الأخرى ، أنا أفهم أن النقابات تعنى بمهن متخصصة ، مفهوم النقابة العام يعني هناك “نقابة أصحاب صهاريج نقل البترول” غير “نقابة أصحاب النقل المشترك” غير “نقابة سيارات التاكسي” ، قبل صدور قانون تنظيم المهن الفنية كان هناك أربع نقابات بلبنان ، قبل إنشاء نقابة الفنانين المحترفين ، وهي نقابتنا نقابة ممثلي المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون ، نقابة الموسيقيين المحترفين بلبنان ، نقابة الفنيين والتقنيين السينمائيين ، ونقابة منتجي وموزعي الاشرطة السينمائية ، كل نقابة من هذه النقابات تتخصص بقطاع واضح ومحصور ، ونتشكل فيما بعد في إتحاد وهذا ما ينص عليه قانون تنظيم المهن الفنية في لبنان ، اليوم نحن 8 نقابات تنضوي تحت وصاية وزير الثقافة ، والتي هي : نقابتنا ، الفنانين المحترفين ، الموسيقيين ، السينمائيين ، الممثلين في الشمال ، شعراء الزجل ، الغرافيك ديزاين والفنانين التشكيليين ، يقول القانون “انو بس يصيرو 10 نقابات فنية ، وهيدا خلل ليش بدك تحددني بـ10 ، مش عم تقبل وزارة الثقافة 2 جداد يفوتوا على هالتشكيل النقابي كيف بعمل إتحاد فني انا يللي ينص عليه القانون؟”
**************
إذاً على أي أساس أنشئت نقابة الفنانين المحترفين ؟
إنشاء نقابة الفنانين المحترفين “أخدوه على أساس النقابات الفنية برّا” ، ولكن يجب أن نأخذ بعين الإعتبار أن النقابات هناك تتعهدها الدولة ، نقابة الفنانين بالأردن التي يرأسها حسين الخطيب تضم القطاعات الفنية ولكن لكل قطاع دائرته “بس الدولة متعهدتو يعني نقيب الفنانين ما حدا بيراجعو بقراراتو وقادر يدق الباب على الملك إذا في مشكلة عم تعترض طريقو من وزير أو مدير عام أو موظف أو إلخ” ، حسنة القانون الوحيدة التي أعطتنا إياها الدولة هي إنشاء صندوق تعاضد موحد للفنانين ، وبالمقابل أخذ منا مكتسبات معينة ، تخيّل أي قانون يجيز أن ينحصر قبول أو رفض طلبات الانتساب الى النقابة بوزارة الثقافة ؟ نحن لسنا قاصرين ، عوملنا وكأننا نقابات قاصرة “هلأ عندن تبريراتن بالوزارة انو كان ينقبل مين ما كان أوكي حُطوا قوانين بس تركوا القرار للنقابة” ، لدينا هنا في النقابة فنانون هم أساتذة جامعيون وموظفون في وزارة الثقافة ووزارة الاعلام حرموا من الترشح على مجلس إدارة النقابة والإنتخاب رغم أن هذا حق ديموقراطي يكرسه القانون ، لا أفهم هذا التناقض بالفكر الاداري هذا تناقض مخيف “في كتير سلبيات بالقانون”.
********************
النقابات تشتكي من عدم تحصيل الـ10 من الفنانين الأجانب ، من المسؤول ؟
النقابات تشتكي لأننا لا زلنا في كنف الدولة “مش فاتحين ع حسابنا، الدولة مقصرة لأن وزارة المالية مفروض تقبض جدياً موضوع الجباية” ، للأسف أن مسؤولين بالدولة “وزير السياحة بيقول انا ضد العشرة بالمية اللي بدا تنفرض ع الفنانين الاجانب اللي بدن يجوا لانو هيدا بيضر بالسياحة” ، فليسمح لنا معالي الوزير فادي عبود مع محبتي وإحترامي ولكن هذا قانون من صنع الدولة والحكومة التي هو موجود فيها كوزير “كان يعترض ع هيدا الموضوع قبل ما يطلع القانون ، لما بيطلع القانون مفروض يلتزم فيه ويوقف حدو ، مفروض وزير السياحة يوقف حد الفنان اللبناني ومش الأجنبي “.
القانون أبدا لا يضر بالسياحة لأننا عندما نذهب للعمل في الخارج ندفع ضريبة تصل أحيانا الى 40 بالمية و”ما منحكي مندفع متل الشاطرين ، ليش الفنان الأجنبي بدو يتبربخ ع ضهرنا ، لما بيجي بيبقض 200 ألف 300 ألف ومليون دولار من عنا إذا دفع منن 100 ألف لصندوق التعاضد ما رح يكسرولو ضهرو” لأنه قَبَض مبلغاً محترماً ، وحتى معالي وزير الثقافة قال لي إن أصحاب المهرجانات ومتعهدي الحفلات يأتون ويشكون له “إنو ما بقى فين يتحملوا ضريبة في 2 بالمية و7 ونص بالمية وفي 10 بالمية tva وفي 10 بالمية اللي بدن يدفعوها عالفنانين الاجانب” يعني تصل الضريبة تقريباً إلى 29 أو 30 بالمئة ضريبة ، فقلت له إن الـ10 بالمئة التي نتكلم عنها يدفعها المتعهد أو الفنان الذي يأتي للعمل في لبنان كما نحن ندفع ضريبة للنقابات في الخارج كسوريا والأردن ومصر وغيرها من الدول.
أحدهم قال لي إنهم في الخليج لا يأخذون ضريبة منهم فقلت له لأن في الخليج لا يوجد نقابات ولا صندوق تعاضد ، الدولة متعهدة الفنان حتى آخر درجة ، فهو ليس بحاجة لا لنقابة ولا لصندوق تعاضد “نحنا ما حدا بيسأل عنا” ، فكيف نقوّم وضعنا ونصححه ونستعيد جزءاً من كرامتنا ونحمي أعضاءنا من شر العوز والذل؟ ليس لدينا طريقة أخرى “لاقولنا غير طريقة ونحنا منمشي فيا”.
ما هو تحرككم في هذا السياق ؟
نحن ننسق ما بين وزارة المالية والأمن العام لضبط هذا الموضوع ونسير به ونعمل جهدنا “هلأ لما الدولة ما بدّا تتحرك ساعتا لكل حادث حديث” ، نحن ننسق وأبلغنا الأمن العام ووزارة المالية بموجب كتب رسمية بوجوب ضبط هذا الموضوع “لأنو إذا ما صار يعني نحنا أكيد بدولة ما فيا قانون يعني بغابة بلا قانون ، يا دولة يا ما في دولة”.
هل ممكن أن تستقيلوا كنقابة من مجلس صندوق التعاضد ؟
لن نستقيل ولن نترك هذا الصندوق ولا هيئة الصندوق “يموت هيك”، أعرف أن هناك بعض المحاولات من جهات معينة ومن النقابيين أنفسهم لمحاولة تعطيل هذا الصندوق و”ما بدي إحكي أكتر من هيك”.
ماذا عن حقوق وواجبات الممثلين العرب المنتسبين إلى نقابتكم ؟
نقابة ممثلي المسرح والإذاعة والسينما والتلفزيون في لبنان عندما كانت نقابة واحدة قديماً ، هي أقدم نقابة فنية في الشرق الأوسط وهذه النقابة حملت تاريخاً على أكتافها وضمت في صفوفها كبار فناني لبنان والشرق ، لأنه قديماً لم يكن هناك قانون يمنع إنتساب الاخوان العرب الى هذه النقابة ، هناك منتسبون عرب ممثلون سوريون وفلسطينيون ، والقانون لم يلحظ شطب هؤلاء المنتسبين الذين يقومون بواجباتهم من جدول النقابة ، علماً بأن هؤلاء المنتسبين يسجلون شكلاً ولهم إلتزام معنوي في النقابة وليس لهم إلتزام مادي ، بمعنى أنه لا يحق لهم بأن يترشحوا أو ينتخبوا ، وحتى ليس لديهم الحق في الإستفادة من صندوق تعاضد ، وأذكر من هؤلاء الممثلين محمود سعيد ، محمد الشولي ومحمد رمضان .
قلت لي إنكم أبلغتم أعضاء النقابة بوجوب تسديد إشتراكاتهم المتأخرة ، هل سيؤدي الأمر إلى مغادرة عدد من الممثلين نقابتكم ؟
هناك بند واضح في القانون يقول إنك لا تستفيد من صندوق التعاضد ولا تستطيع أن تنتسب إلى نقابة ثانية إلا بعد أن تحصل على براءة ذمة من نقابتك “إنو إنت مسدد إشتراكاتك” هذا عقد رسمي ومال عام وهو ملزم به ، هناك تبالد وإهمال ، وفي السابق “صار في أعضاء كتار وانا حكيت مع سميرة وقلتلا إذا بتريدي لما بدو يروح حدا لعندك أنا ما عندي مشكل هيدا حقو وحريتو إنو يختار بالآخر” ولكن إجعليه يسدد ما عليه لنقابته و”يجي لعندك، ونفس الشي في كتار من عند سميرة بدن يجوا لعندي” أول شيء أطلبه منهم هو براءة ذمة ، ونحن عرضنا منذ أن أتى مجلسنا أن من عليه مبالغ متراكمة يمكنه أن يقسطها على دفعتين أو ثلاث .
********************
لكن المبالغ المتراكمة على الممثل لن تكسر ظهره لأن قيمة الإشتراك رمزية
من عليه كسر 10 سنوات يتوجب عليه دفع 400 دولار ، نحن اشتراكنا السنوي 60 ألف ليرة “ضربن بعشرة 600 الف يعني 400 دولار” وهذا الأمر المعيب .
ممكن أن يجني الممثل هذا المبلغ من مشهد واحد
فلنعتبر حلقة من الحلقات التي يشتغلها ، يجب أن يعلم الشباب نجوم اليوم أن كبار ممثلينا الذين كانوا نجوم الماضي ، وأكيد لم يصل أحد منا إلى نجوميتهم ، ها هم اليوم “قاعدين ما حدا بيسأل عنن ، يعني مش اليوم انت وبعزك بتعوز النقابة ، بتعوز النقابة لما تبطل تشتغل” ، عندما يتغير شكلك أو تكبر أو تمرض عندها تقف النقابة إلى جانبك ، ولكن “إذا إنت مش مسلّف النقابة مش دافع اشتراكاتك من وين بدا توقف حدك النقابة؟” ، نحن بعثنا برسائل نصية على هواتف الأعضاء بوجوب تسديد الإشتراك وذكرناهم بأن الذي يتأخر ستعلّق عضويته ولن يستفيد ولن يتسلم بطاقة صندوق التعاضد التي مفترض أن نبدأ بتسليمها ، بطاقة الإستشفاء ، المرحلة التانية هناك مكاتيب مضمونة ستذهب للأعضاء وبمجرد استلامها وتوقيعهم عليها وعلى ضوء جوابهم إن كان سلباً أو إيجاباً نقرر ، المرحلة الثالثة سندعو إلى جمعية عمومية لعرض الوضع ، والمرحلة الرابعة هي عقد مؤتمر صحفي لإعلان شطب من لم يلتزم بالنقابة “لانو إذا بدنا نترك الأمور عم تتراخى هيك بعد اكتر يعني على هذه النقابة السلام” ولن أسمح بهذا الامر طالما أنا موجود .