على أثر خضوع أنجلينا جولي للفحوص الجينية الدقيقة التي تحدد مدى احتمال إصابتها بسرطان الثدي في سن مبكرة، اتخذت قراراً اعتبره كثر في غاية الجرأة والشجاعة، بالخضوع إلى جراحة لاستئصال ثدييها، وتنوي الخضوع الى جراحة أخرى لاستئصال المبيضين للحد من احتمال إصابتها بأي من هذين السرطانين.
وكانت الفحوص التي تبيّن فيها تبدلات في الجينةBRCA1 المربطة بالإصابة بسرطاني الثدي والمبيض، أن احتمال إصابة جولي بسرطان الثدي يصل إلى 87 في المئة وبسرطان المبيض إلى 50 في المئة، وهما نسبتان مرتفعتان جداً، مما دفعها إلى اللجوء إلى الجراحة أياً كانت العواقب لتحد بذلك من احتمال إصابتها بسرطان الثدي إلى نسبة تقل عن 5 في المئة.
وكانت النجمة الهوليوودية قد فقدت كلاً من والدتها وجدتها لأمها، وأخيراً خالتها على أثر إصابتهن بسرطان الثدي مما دفعها إلى إجراء هذه الفحوص بهدف التصدي للمرض وحتى لا يكون قدرها مشابهاً لقدر أفراد عائلتها.
البروفيسور اللبناني مدير مركز سرطان الثدي في معهد نايف باسيل في مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت ناجي الصغير تحدث عن هذه الفحوص التي أجريت لأنجلينا جولي والتي تعتبر في غاية الدقة والتي هرعت النساء لإجرائها تشبهاً بالنجمة التي أقدمت على هذه الخطوة وبعد أن تحوّل الأمر إلى هاجس لهن.
ويشدد الصغير على ان هذه الفحوص لا تجرى عشوائياً ولا بد من وجود تبريرات طبية وحسابات دقيقة تستدعي إجراءها للمرأة، وبالتالي ليس هناك ما يدعو إلى المخاوف التي تغلبت على النساء في مختلف دول العالم ومنها لبنان لإجراء الفحوص أياً كانت الظروف.
ما هي الفحوص التي تجرى لكشف التبدلات الجينية التي تنذر باحتمال الإصابة بسرطان الثدي؟
في البداية لا بد من وضع الأمور في إطارها الصحيح. ففي ما يتعلق بهذه الفحوص هي لا تجرى عشوائياً إن لم تكن هناك من أسباب وتبريرات طبية واضحة تستدعي إجراءها. فقد لاحظنا أنه بعد أن خضعت النجمة أنجلينا جولي لهذه الفحوص وخضعت لجراحة استئصال الثدي، هرعت النساء في لبنان طلباً للخضوع لها حتى إذا لم يكن هناك ما يدعو إلى ذلك.
لا بد من التوضيح أن ثمة عوامل معينة تجعل المرأة عرضة للإصابة بسرطان الثدي كالتقدم بالسن والتاريخ العائلي وغيرهما. وفي ما يتعلق بأنجلينا جولي يوجد التاريخ العائلي بعد أن فقدت أمها وجدتها وأخيراً خالتها.
إلا ان التاريخ العائلي لا يعني العامل الوراثي الجيني، ففي حالة وجود المرض في العائلة يصبح هناك لدى المرأة استعداد أكثر بقليل للإصابة مقارنةً بسيدات أخريات. علماً انه بشكل عام تصاب امرأة من ثمانٍ بسرطان الثدي في حياتها
. أما في حال وجود حالات في العائلة فتكون المرأة عرضة مرتين اكثر. مع الإشارة إلى أنه في حال وجود حالات في العائلة، تظهر النساء اهتماماً أكبر للمراقبة مما يزيد فرص الشفاء.
في المقابل، وفي ما يتعلق بالعامل الجيني الذي تكشفه الفحوص التي نتحدث عنها، فهي تكشف تبدلات في الجينات BRAC1
وBRAC2. علماً أن هذه الجينة موجودة على الكروموزوم 17 ودوره يقضي بالحماية من السرطان.
أما في حال حصول تبدلات في هذه الجينات ونمو غير طبيعي على أثر تغيرات في الحمض النووي، فهذا يعني انه لم يعد يلعب دوره كحماية من المرض فيكون هناك استعداد بنسب معينة للإصابة بسرطان الثدي المرتبط مع سرطان المبيض بهذه الجينات.
في حال حصول هذه التبدلات الجينية، هل تكون احتمالات الإصابة بالمرض مرتفعة دائماً؟
يراوح احتمال الإصابة في حال تبين في الفحوص حصول تبدلات جينية في الجينة BRAC1 التي تعتبر الأكثر خطورة، بين 20 و85 في المئة.
وهذا ما يظهر احتمال الإصابة بالمرض في يوم من الأيام في سن مبكرة نسبياً. مع الإشارة إلى أن احتمال الإصابة في هذه الحالة يكون بسرطان الثدي أو بسرطان المبيض أو بالاثنين معاً.
هل من حالات معينة تجرى فيها هذه الفحوص؟
ثمة حسابات علمية يجريها الطبيب وهي دقيقة جداً يمكن على أثرها تحديد ما إذا كان هناك من داعٍ لإجراء الفحوص. إضافةً إلى وجود حالات في العائلة القريبة وان تكون السن في الوقت نفسه دون 35 عاماً تقريباً.
هل يعتبر هذا النوع الفحوص صعباً؟
مما لا شك فيه أن هذه الفحوص في غاية الدقة وتتطلب الكثير من الحرص مع وجود معايير معينة في إجرائها. وهي لا تجرى إلا بعد استشارة طبية ودراسة دقيقة للحالة. تعتبر هذه من الفحوص المعقدة والمكلفة فكلفتها في أميركا أكثر من 3 آلاف دولار.
وهل تعتبر النتائج مؤكدة؟
في حال إجرائها وفق المعايير والشروط المحددة، تعتبر نتائج الفحوص أكيدة.
هل تجرى الفحوص في اي من دول العالم؟
تجرى الفحوص في بعض البلدان الأوروبية وفي أحد مستشفيات لبنان، لكنها تجرى بشكل أساسي في أميركا وتحديداً من خلال شركة MYRIAD حصراً.
إذا كانت النتيجة إيجابية واعتبرت المرأة عرضة للإصابة بالمرض فعلاً، ما الحل عندها؟
تعطى الخيارات للمرأة إذا كانت النتيجة إيجابية، أي أنها عرضة بنسبة مرتفعة للإصابة بالمرض، وذلك استناداً الى الحسابات الطبية. فإما أن تجرى جراحة لاستئصال الثديين مع ترميمهما، كما أنه قد تجرى جراحة لاستئصال المبيضين أحياناً، أو يمكن الاكتفاء بالمراقبة التي تكون أكثر دقة بإجراء الفحص الشهري في المنزل وزيارة الطبيب وإجراء الصورة الشعاعية، إضافةً إلى التصوير بالرنين المغناطيسيي الذي يجرى أيضاً مع الصورة الشعاعية في هذه الحالة لمزيد من الحرص والدقة.
مع الإشارة إلى أنه في الحالات العادية، تنصح المرأة بالبدء بإجراء الصورة الشعاعية من سن 40 سنة، اما في حال وجود حالات في العائلة القريبة كالأم أو الأخت أو الخالة فيجب
أن تبدأ بإجراء الفحص للكشف المبكر قبل 10 سنوات من إصابة أول امرأة أصيبت في العائلة. ويمكن في حالات معينة أن يوصف العلاج الوقائي بالادوية ضمن الخطوات الوقائية من المرض. ولا بد من التذكير بان الكشف المبكر يزيد فرص الشفاء بنسبة عالية.
هل إن الخطوة التي قامت بها أنجلينا جولي سمحت بإلغاء احتمال إصابتها بالمرض بشكل نهائي؟
باستئصال الثديين مع الغدد الحليبية ينخفض احتمال الإصابة بسرطان الثدي إلى نحو 5 في المئة، خصوصاً أن احتمال إصابة أنجلينا جولي بالمرض بدا مرتفعاً من خلال الفحوص ووصل إلى 87 في المئة. وينخفض احتمال الإصابة أكثر بعد استئصالها المبيضين أيضاً.
ملكة جمال مقاطعة كولومبيا ستخضع لجراحة استئصال ثدييها بعد مسابقة ملكة جمال الولايات المتحدة
قررت ملكة جمال مقاطعة كولومبيا ألين روز الخضوع لجراحة لاستئصال الثديين مباشرةً بعد مشاركتها في مسابقة انتخاب ملكة جمال الولايات المتحدة، التي ستجرى في كانون الثاني /يناير 2014. وكانت روز قد فقدت والدتها فيما كانت هي في سن المراهقة، على أثر إصابتها بسرطان الثدي مما دفعها إلى الإقدام على هذه الخطوة الوقائية حتى لا تلقى مصير والدتها التي توفيت وهي في سن 51 سنة.
عن هذه الخطوة تقول روز: «أفضل أن أستأصل ثديي على أن أصاب بسرطان الثدي كما حصل مع والدتي، كونه قد تبين أني عرضة، جينياً، للإصابة بالمرض نظراً إلى التبدلات الجينية التي ظهرت في الفحوص التي أجريتها.
تم تشخيص المرض لدى امي وهي لا تزال في سن 27 سنة، ثم ظهر لديها الورم مجدداً بعد 24 سنة وتوفيت. ولأني عرفت أن احتمال إصابتي يعتبر مرتفعاً قررت الخضوع للجراحة لكي لا أمر بما مرت به أمي من ظروف صعبة.
أريد أن يراني أولادي لأطوال وقت ممكن ويعيشوا معي وأن أكون إلى جانبهم».
وبالتالي ستكون مسابقة انتخاب ملكة جمال الولايات المتحدة المقبلة، مسابقة الجمال الأخيرة التي تشارك فيها ألين روز قبل إقدامها على هذه الخطوة.
عن هذا تقول: «كثر فوجئوا بالقرار الذي اتخذته ،علماً اني اخترت الحياة بدلاً من الجمال، فيما يبقى هاجس الجمال صورة مسيطرة عن الفتيات في هوليوود . لكني لن أسمح لهذه الأمور بأن تطغى على صحتي التي تحتل الأولوية عندي.
وأنا لا أخاف من أن أعيش حياتي دون ثديين. صحيح أن آراء الاطباء الذين استشرتهم انقسمت بين من شجعني على استئصال الثديين ومن لم يجدوا ضرورة لذلك، لكني فضلت الخضوع للجراحة كخطوة وقائية تحميني من المرض، وأنا في سن 24 سنة أي قبل 3 سنوات من السن التي أصيبت أمي فيها بالمرض للمرة الأولى.
عرفت أمي طيلة حياتي وهي بثدي واحد ولم يؤثر ذلك أبداً على صورتها عندي كأم مثالية وزوجة رائعة. وبالنسبة إلي ليس لفقداني ثديي أي تأثير على مستقبلي وعلى أهدافي في الحياة.»