اصلاً لقب مغنية مقابل شيكات موقّعة على "بياض" اذ في ايامنا هذه اصبح لا يستهان بالجمهور الذي بات يتمتع بأذن خطيرة وعين ثاقبة لا يمكن لأحد التحايل عليهما من أجل رشوتهما ولو ان هؤلاء الفنانات نجحن في اغوائه واغرائه ولكن وبوجود فنانات حقيقيات مبدعات مجتهدات ومثابرات لا بد من تصويب مسار ذوق المستمعين وتقرير مصير الاغنية اللبنانية اولاً والعربية ثانياً .
أسماء كثيرة لمعت هذا العام وتألّقت وجذبت اليها الاضواء وأسماء أخرى بالمقابل تهاوت وانتهت وهذا ما عنيت به الغربال الذي يفرضه بعض النقاد و الاساتذة الكبار من أهل الصحافة والموسيقيين المخضرمين والكتاب والشعراء والملحنين ، فينجح من يثبت انه يستحق النجاح ويهوي من يحاول تحقيقه عنوةَ
ومن هذه الاسماء الفنانة فيفيان مراد التي وان كانت معروفة بين نجوم الغناء كونها عملت بين باريس ودبي وصنعت لنفسها اسماً نظيفاً برّاقاً الا انها اليوم ثبّتت قدرتها في منافسة اهم نجمات الوطن العربي لانها تملك موهبة حقيقية وقدرة لا يستهان بها في غناء كل الالوان والمقامات السهلة منها والاكثر صعوبة ، من هنا وبغضون اشهر قليلة استطاعت ان تصبح حديث المؤتمنين على الفن اللبناني وحديث "الذوّاقة" الذين وجدوا فيها نجمة –ان استمرت في اختيار افضل الكلام والالحان- ستكون دون ادنى شك ضمن لائحة نجمات الصف الاول .
ومؤخراً اطلقت فيفيان فيديوكليب جديد لأغنيتها "أيام" وكلامنا اليوم عن هذا العمل بالتحديد، فلقد كانت مفاجأة حقيقية لنا عندما تابعنا أحداث هذا الكليب المميز، الذي ولِمرَّات قليلة يُعالج موضوع إجتماعي- إنساني معيَن، وربما المرة الأولى الذي يُعالج فيها "قضية التبني".
منذ فترة لم يلفت نظرنا صوت مثل صوت فيفيان مراد المفعم بالطرب، فهذه الفنانة تملك حنجرة ذهبية، طبعاً وبعيداً عن تشريحات علم الصوت التي لا أعلم فيها الكثير فإن أذني تجيد الإستماع.
من الخيانة، إلى لعب الميسر إلى قضية تعنيف المرأة وتعاطي الزوج مع زوجته العاقر، تستمع فيفيان في نضالها الانساني من خلال أحداث كليباتها: " ما أبي شي "، "فوق الكلام"، وأخيراً "أيام".
الكليب يبدأ بإتصال من الدكتور بالزوج وإبلاغه أن زوجته عاقر- أي أنها لا تنجب أولاد- ثم نرى ردّة الفعل التي تظهر على الزوج، وتعاطيه السلبي مع الموضوع وتحميل زوجته مسؤولية هذا الأمر.
كما نتابع كيف أن العلاقة تبدأ بالإنهيار والتراجع مع متابعة دقيقة للأحداث والتفاصيل التي يمر بها كل ثنائي على خلاف، مثل المعاملة السيئة والعصبية الدائمة.
الزوجة في الكليب، أي فيفيان، تحملت تصرفات زوجها الغير طبيعية، إلى حين أن وصلت إلى حائط مسدود وقررت حينها ترك المنزل. هي الحائرة دائماً، التي تُحمِّل نفسها مسؤولية ما جرى مع زوجها، نراها في كل المحطات تتذكر أجمل اللحظات معه، وبنفس الوقت، في قلبها غصّة كبيرة تكمّن بعدم وجود أولاد تزيّن البيت.
إلى حين الوصول إلى"مركز تبني الأطفال" وقرارها تتبنى طفل يملأ لها الفراغ الكبير، وهذا ما نراه بوضوح في آخر الكليب مع التذكير على مقولة: "الأمومة أعظم هبة خصّ الله بها النساء" لماري هوبكنز.
ما فاجأنا في هذا الكليب هو طريقة عرض هذه القضية وجعل "التبني" الحلّ المناسب، في حال وجود زوج عاقر أو زوجة عاقرة.
فالتبني طريقة مختلفة للحصول على الأطفال. عندما تكون المرأة حامل، فإنها ستحتاج إلى تسعة شهور حتى تلد الطفل المنتظر. ولكنّها لن تكون متأكّدة من أن الحمل سيكون جيدا أو بأنها ستكمل الحمل بنجاح. ويمكن ان تتكرر محاولات الحمل الفاشلة حتى يصاب الزوجان بالكآبة والتعاسة.
رؤيتنا لعمل فيفيان مراد، لا يجب أن تتوقف عند حدود الدهشة والاعجاب أو عدمهم، فلو تمعّنا أكثر في كواليس القضية لواجهنا عدة وجهات متناقصة أي أنه دينياً الموضوع مختلف تماماً ف "لا تبني في الإسلام" سندا" لأحكام الآيتين 3 و 5 من سورة الأحزاب والبديل عن التبني هو التكفل ليتيم الوالدين فقط. بينما عند الطوائف المسيحية، فالتبني مسموح به، ولكن يجب التمييز بين حالتين:
• المحاكم الروحية تجيز تبني الطفل داخل لبنان فقط ( تبني طفل لبناني في لبنان)
• المحاكم المدنية تجيز التبني في الحالات الذي يكون فيها التبني دوليا ( تبني طفل لبناني خارج لبنان)، وإذا كان مذهب الوالدين المتبنين مختلفاً عن مذهب الطفل المتبني.
نصت قوانين الأحوال الشخصية على شروط التبني، وعلى كل ما يتعلق به مؤكدة على ان تضمن عملية التبني مصلحة الطفل الفضلى أي حسن سيرة المتبني وموافقة الزوج الآخر على التبني.
كما تعترف المحاكم المختصة بالتبني الذي يجري خارج لبنان وفقاً لقانون البلد الذي جرى فيه، وتصبح هذه القرارات نافذة في لبنان.
كل زوج وزوجة تقريبا يشعرون برغبة قوية في الحصول على أطفال أو ثمرة لهذا الزواج. ولكن الكثير منهم لا يوفقون إما لمرض ما أو لإصابة أحدهما بالعقم، وبالرغم من أن الاختيار الأول والأخير في البقاء في هذه العلاقة يعود لطرفان، إلا أن الحياة يجب أن لا تنتهي عند مشكلة عدم الإنجاب. فهناك أطفالا كثر بحاجة إلى الحب والرعاية، وهم بحاجة لعائلة تضمهم، وتعتبرهم أبنائها. تقول الحكمة القديمة "الأبوة ليس فقط في إنجاب الأطفال ولكن في رعايتهم وتربيتهم"، ولعل هذه الحكمة ستساعد الجميع على تخطي مشكلة عدم الإنجاب والتفكير جديا بالتبني.
كل شخص قام بتبني طفل، لا بد أنه سأل نفسه هذا السؤال: هل سأحب الطفل المتبنى مثلما أحب طفلي؟ ولكن هذه الشكوك سرعان ما تزول بمجرد أن يستلم الطفل، وفجأة يتحول كل الحب لهذا الطفل، ويسأل مرة أخرى، كيف شكك في هذا الأمر؟؟
يحمل فيديو كليب "أيام" لفيفيان مراد، فكرة مبتكرة وعميقة رغم بساطتها، من خلال هذه الإضاءة الجيدة على هذا الموضوع تحديداً.