الشواهد كلها تدل وتؤكد أن الوضع الفلسطيني، وبخاصة في غزة، بعد انفراد حماس بحكمها، بات يشبه بحيرة راكدة، وأن الشبان الفلسطينيين في الضفة الغربية و«القطاع» غدوا غير مقتنعين بما هو قائم، وهذا كان يجب أن يتبلور في هيئة حركة شعبية عارمة تجدد الحياة السياسية الفلسطينية وتقضي على هذا الترهل وعلى هذا الفساد الموروث الذي تجاوز الحدود كلها، وتقضي أيضا على هذا الانقسام المعيب والمخزي الذي تكشف مؤخرا عن أن وراءه رغبة، بل مؤامرة إسرائيلية، للتهرب من استحقاق عملية السلام والتسلح بحجة أنه لا يوجد ذلك الطرف الفلسطيني المخول الذي من الممكن مفاوضته.
كان المفترض أن تسبق الانتفاضة الفلسطينية انتفاضة تونس وانتفاضة مصر والانتفاضات العربية الأخرى كلها، فالشعب الفلسطيني صاحب تجربة، ثم إن ألم الاحتلال كان يجب أن يوقظ الثأر في صدور الشبان الفلسطينيين قبل أن يوقظ قمع نظام زين العابدين بن علي الثأر النائم في صدور شبان تونس الخضراء ويوقظ ترهل نظام حسني مبارك وفساده شبان بلاد النيل، فالفلسطينيون الذين عانوا ما لم يعانه شعب عربي آخر أولى بأن يحتلوا الساحات والميادين، وأولها ميدان الكتيبة في غزة، وأن يتظاهروا ويطالبوا بـ«الإصلاح والتغيير» وبالمصالحة الوطنية وبانتخابات رئاسية وتشريعية شفافة من دون أي تزوير.